تأتي اهمية هذه المقاربة من تناولها لكتاب الاستاذ عبد السلام ياسين الموسوم (تنوير المؤمنات ) بوصفه مشروعا تنويريا احيائيا يشتغل بالضد من ثقافة العولمة أو اللاييكية ، التي تمثل في ذاتها ( مشروعا تنويريا ) يعمل في أصل معاييره على تغييب الفكر الديني واعتماد العقل ، وما يسمى بالأنسنة ؛ أي تحرير الإنسان من القيود العقدية التي يؤمن بها ، وتمنحه الحق في نقد ( النص ) بعده مادة تاريخية لا تمتلك ايَّ قدسية تميزها عن غيرها من النصوص ، فهي اذا مقاومة لـ ( سلطة الخطاب ) ، وبالتالي عملت على الفصل بين الكنيسة والدولة ، لتحقق ذاتها في الميادين كلها ، اقتصادية واجتماعية ونفسية ، ولأن العالم المنتج لهذا المشروع لم يرد له ان يكون محصورا في بيئة ضيقة ، نقله الى العالم المحيط بوصفه ثقافة مفارقة تهدف في تفاصيلها غير المعلنة الى تخريب ثقافات الشعوب واخراجها من خصوصيتها ؛ بل تهميشها ووضع اعرافها ومعتقداتها في سلة المهملات . يريد الأستاذ ياسين ان يخرج المرأة والرجل ؛ بل الشباب المسلم عموما من ربقة العبودية لفقه انحطاطي وتوصيف الادوات الفاعلة لتحقيق الحلم بعالم ينبني على ثنائية العدل والاحسان . إن ثقافة العولمة ، ثقافة نوعية ورؤيا شمولية للإنسان والحياة بكل ما يحمل دال الحياة من معنى ، وهي في الوقت نفسه تعطيل لليقينات المؤسسة في الفكر الإنساني ، وإنتاج معايير جديدة للتعامل مع الفضاء المعرفي الانساني الذي يسهم في بناء الكون ، خارج هذه العولمة يقع العالم في شباك اللاتجانس ، وخطية المسار ، أو ثبوت الفعل واللاتغاير ، هل يمكن دمج العالم في جغرافية ثقافية واحدة بعيدا عن المخيال المؤسس في الذاكرة البشرية .؟ يعمل الاستاذ عبد السلام ياسين في كتابه ( تنوير المؤمنات ) على اعادة تشكيل المرئيات المحلية بصنفيها المقدس والوضعي لينشئ جيلا محملا بذاكرة تاصيلية لا تسمح لأحد ان يفتح فيها ثغرة تمحو خصوصيتها او فرادتها ، انها الجذور التاصيلية الثابتة ، غير أن فروعها في السماء .إنه يعيد صياغة السؤال الذي أنطمر تحت المرئيات والدعوات الماحية لحقيقة الغرض من الإيمان ، اقصد سؤال الوجود وإعادة تفعيل الفطرة ، فقد أُخرسَ ، الصوت الفطري السائل عن معنى وجودي وحقيقة حضوري وغاية مروري من هذه الحياة العجيبة الغريبة.، اذن الغاية الاساسية للكتاب تسعى الى اخراج المؤمنات القانتات العابدات من البهيمية الرضوخية والمستوى الاستعبادي؛ أيْ الأنعتاق من هامش الغفلة الى متن الامتلاء بحضور الله.